واقع مكتبات السجون في الجزائر وأثرها على النزلاء



                                                                              شباحـــي مهـــدي أستاذ مســـاعـــد قســـم"أ"
                                                                             جامعـــة الجيلالي بونعامـــة بخميس مليانــــة
                                                                              m.chebahi@univ-dbkm.dz      
المستخلص:   
     هدف الدراسة وصف واقع مكتبات السجون في الجزائر من حيث وظائفها وطريقة تقديم خدماتها للنزلاء، وكيفية تأثيرها عليهم، وقد أجريت ميدانيا على أربع مكتبات بأربع مؤسسات لإعادة التربية والتأهيل، تم من خلالها إستجواب 324 نزيل مستعمل لها وإستبيان آرائهم حولها، من جملة ما تم التوصل إليه أن مكتبات السجون في الجزائر تلتزم بالطرق المتعارف عليها في العمل المكتبي، من تزويد، وجرد، وفهرسة... لكن بشكل أكثر بساطة، مع إمكانيات مادية وبشرية أقل، وأهم ما توصلت إليه كذلك أنه كان لهذه المكتبات تأثير إيجابي قوي وعميق على العديد من النزلاء.
الكلمات المفتاحية: المكتبات؛ مكتبات السجون؛ الخدمات المكتبية؛ السجناء؛ الجزائر

The reality of prison libraries in Algeria and their effect on inmates


Abstract:

     The purpose of the study is to describe the reality of the prison's libraries in Algeria in terms of their functions and the way they provide services to the inmates and how it affects them. The study was done in four libraries of four institutions of re-education and rehabilitation through which 324 inmates were interrogated to know their opinions about them. The results showed that prison's libraries in Algeria adhere the techniques and the methods used in the libraries's functions such as: providing; inventorying and cataloging but more simply and with fewer material and human resources. The most important conclusion of this study is that those libraries had a great positive impact on the inmates in general.

Key words: Libraries; Prison libraries; Library services; Inmates; Algeria


مقدمة:
     مما جاء في بيان اليونسكو بشأن المكتبات العامة طبعة 1994: «...تقدم المكتبة العامة خدماتها على أساس تكافؤ فرص الجميع في الإنتفاع بها، بصرف النظر عن السن والعنصر والجنس والدين والإنتماء القومي واللغة والوضع الإجتماعي. ولابد أن توفر خدمات ومواد خاصة لجميع المنتفعين الذين لا يستطعون لأي سبب كان، الإستفادة من الخدمات والمواد العادية، كالأقليات اللغوية والمعوقين ونزلاء المستشفيات أو السجون...»[1]، هذا البيان هو إنعكاس لمجموعة من الظروف الدولية التي أفرزت العديد من القوانين والإتفاقيات، مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948، وعديد من التحولات خاصة فيما يتعلق بالعدل والمساواة بين جميع الأفراد، وعلى إعتبار هيئة اليونسكو إهتماماتها تعليمية ثقافية وعلمية، حثت في بيانها هذا إستجابة لهذه المتغيرات على إلزامية العدل والمساواة في توفير الخدمات المكتبية لكل فئات المجتمع الذين من بينهم نزلاء السجون، وعلى هذا الأساس فإن للمسجونين الحق في الإنتفاع والإستفادة من خدمات مكتبية مثلهم مثل باقي أفراد المجتمع، توفرها لهم المكتبة العامة الأقرب إلى مقر السجن، أو بإقامة فرع لها فيه، أو من خلال قيام السجن بإنشاء مكتبة بداخله تسير من طرفه، والحالة الأخيرة هذه هي الأكثر إنتشارا  عبر العالم نظرا لظهور العديد من المكتبات داخل السجون تابعة لها تسعى لتحقيق أهدافها وخدمة المسجونين بداخلها، من هنا أصبح موضوع مكتبات السجون موضع إهتمام العديد من الأفراد والمنظمات والهيئات الحكومية منها أو غير الحكومية.
     موضوع مكتبات السجون هو موضوع مهم جدا وجوهري كونه يهتم بنوع من أنواع المكتبات ذات الأهمية لأبعادها الثقافية والإجتماعية والتعليمية... ولكونه يمس فئة معينة من المجتمع وقطاع حساس من قطاعاته هما فئة السجناء وقطاع السجون مما زاد من أهمية الموضوع نظرا لأبعاد هذا النوع من المكتبات الإصلاحية والإدماجية التي قد تنفرد بها عن غيرها من أنواع المكتبات الأخرى، ورغم ذلك نجد الكثير من المتتبعين والمهتمين بموضوع المكتبات في الجزائر بما فيهم المختصين هم على دراية بواقعها ومختلف أنواعها، وهذا ما تؤكده الدراسات والبحوث في هذا المجال، فنجد الكتب والمقالات والرسائل الجامعية قد تطرقت لكل المسائل ذات العلاقة به من قريب أو من بعيد، وشملته من جميع جوانبه، إلا أن موضوع مكتبات السجون في الجزائر غاب عن هذه الدراسات، فالإهتمام به كان ولا يزال ضعيف جدا، فلم نجد أي دراسة تطرقت له وكل ما توصلنا إليه هو مذكرة ليسانس كانت حول موضوع المطالعة داخل السجون[2]، بالإضافة لرسالة ماجستير عن واقع مكتبات السجون في الجزائر[3] جاء منها هذا المقال كمحاولة لإعطاء فكرة عامة عن واقع المكتبات في السجون الجزائرية من حيث التعريف بها وذكر أهدافها وأهميتها، مع وصف مبسط لأهم وظائفها وخدماتها، والإمكانيات المادية، والبشرية، والتكنولوجية المتاحة لها، مع التركيز في الأخير على قياس مدى تأثيرها على المسجونين، وهذا من خلال عمل ميداني تم إجراءه على أربع مكتبات في مؤسسات كبرى خاصة بإعادة التربية والتأهيل في كل من بلعباس، الحراش، البرواقية، والشلف.

1: مفهوم مكتبات السجون في الجزائر:
     المؤسسات العقابية الجزائرية والتي تعرف بإسم مؤسسات إعادة التربية والتأهيل كدلالة على تغير مفهوم السجن وأهدافه من العقاب إلى الإصلاح وإعادة إدماج المسجونين في المجتمع، تعتبر المسؤول الأول عن تأسيس المكتبات بداخلها، فمكتبة السجن هي «تلك المكتبة التي تنشأ داخل السجن أو المؤسسة الإصلاحية، بهدف تقديم الخدمات المكتبية والأنشطة الثقافية والمعلوماتية للنزلاء، ولأن المكتبات أشد إرتباطا بالمجتمع الذي تقوم على خدمته ومن أجله أنشئت، لذا فإن أهداف مكتبة السجن ووظائفها ترتبط إرتباطا وثيقا بمجتمع السجن وأهدافه التي ترتكز على إصلاح وتأهيل النزلاء»[4]. مكتبة السجن في الجزائر تعتبر مصلحة من بين مصالح السجن، تتكون من فريق عمل يتألف من موظفين تابعين لمصلحة إعادة الإدماج يساعدهم بعض النزلاء، يسهرون على توفير الخدمات المكتبة للمستعملين لها، بإستخدام الإمكانيات المتاحة لهم من مصادر المعلومات أو القاعات... بهدف تحقيق أهدافها وإنجاز مهامها الموكلة إليها والتي هي جزء من أهداف المؤسسة العقابية المتواجدة بها (السجن).
2: أهدافها وأهميتها:
     تهدف مكتبات السجون الجزائرية إلى المساهمة في إعادة تربية المحبوسين وإدماجهم الإجتماعي من جديد، بهدف مكافحة الجنوح[5] لدى أفراد المجتمع الجزائري، وتوفير لهم مختلف الخدمات المكتبية مثل إعارة مصادر المعلومات، الخدمات... وتلبية كل رغباتهم وحاجياتهم المعلوماتية، وتشجيعهم على القراءة، وممارسة مختلف النشاطات الفكرية، والثقافية الأخرى، ونشر الوعي بين أفراد مجتمع النزلاء، وهذا له أهمية ودور في الحفاظ على أمن وسلامة المؤسسات العقابية بالحفاظ على هدوء النزلاء وتماسكهم، والترويح والتخفيف عنهم القلق والإضطرابات والمشاكل الأخرى، وتزويدهم الروحي، وتنمية طموحاتهم، وتغيير رؤيتهم ووجهات نظرهم نحو المستقبل والمجتمع، وتحسين طريقة تفكيرهم[6].
3: وظائفها:
     مكتبات السجون في الجزائر على غرار بقية أنواع المكتبات الأخرى تتمثل وظائفها في:
1:3: تكوين وتنمية المجموعات: تكوين أو تنمية المجموعات في هذا النوع من المكتبات في الجزائر يعتمد على طريقتين أساسيتين هما:
1:1:3: التزويد المركزي: هذا التزويد يرتكز على المديرية العامة لإدارة السجون التي تقتني للمكتبات أغلب ما تحتاجه من مصادر، فتعتبر هذه المديرية بمثابة المركز الوطني لإقتناء وجمع المصادر والكتب، من ثم تقوم بتوزيعها على كل مكتبات السجون المنتشرة عبر التراب الوطني، ويكون هذا مرة كل سنة وأحيانا مرتين أو أكثر (على فترات مختلفة وغير منتظمة أحيانا بالمناسبات الوطنية أو الدينية...) أما التزويد بالكتب الدراسية فيتم مرة كل سنة فقط من طرف مراكز التعليم بالمراسلة الجهوية، بينما الشراء من قبل السجن فهو نادرا جدا وغير معمول به كثيرا[7].
2:1:3: الهدايا: تعتبر الهدايا من أهم طرق تنمية المجموعات والتي مصدرها المجتمع المدني المتمثل على الخصوص في: الجمعيات الخيرية أو الثقافية محلية كانت أو وطنية، مثل الكشافة الإسلامية، أو الهيئات الرسمية مثل وزارة الشؤون الدينية، وزارة الثقافة، وزارة الشباب والرياضة...، أو الأفراد خاصة المؤلفين والمفكرين، فمثلا الكاتب "حفناوي زاغز" تبرع لمكتبة سجن الحراش[8] بكل مكتبته المتكونة من أكثر من 2398 عنوان[9].
2:3: مراقبة المصادر الجديدة: هي عملية حساسة تتم بطريقة آلية روتينية مع كل ما يدخل للسجن خاصة لما يتعلق الأمر بالهدايا، لأن بعض المواضيع أو العناوين ممنوعة لعدة أسباب أغلبها أمنية، كالتي قد تهدد أمن وإستقرار الدولة الجزائرية أو سلامة السجن، سواء كانت دينية أو سياسية وبالأخص المتطرفة منها أو التحريضية، التي تتطرق إلى كل ما يتنافى مع الدين الإسلامي والأخلاق أو يمس بالرموز والهوية الوطنية، أيضا تمنع المواضيع التي قد يكون لها تأثير سلبي على الحالة النفسية للسجناء أو تتحدث وتشجع على الإجرام والإنحراف أو العنف، الرقابة هذه تتم من طرف الموظفين في مصلحة إعادة الإدماج المسؤولين عن المكتبة، مثل رئيس مصلحة الإدماج ونائبه والمساعدين له، بالتشاور مع المدير، هذه الرقابة تبرز على الخصوص عند إدخال السجين معه كتاب أو إستلامه من قبل عائلته، بالإضافة في حالة الإقتناء أو الهدايا[10].
3:3: الجرد: كل المصادر التي يسمح بدخولها للسجن أو مكتبته يتم جردها في سجلات رسمية تساعد موظفي المكتبة على حصر ومعرفة كل الإمكانيات والوسائل والأجهزة بما فيها عدد الكتب. تستعمل المكتبات العديد من أنواع السجلات من الحجم الكبير والصغير، كما تستعين بالحاسوب في ذلك أيضا، إضافة إلى جرد كل المصادر الجديدة فإنه هناك عملية جرد تتم كل سنة وذلك للوقوف على المفقود والنقائص من الكتب وغيرها من أجل تعويضه، أما فيما يخص الكتب التي تصل إلى النزلاء عن طريق الزيارات العائلية أو الطرود، فيوجد سجل جرد خاص بها يمكن للقائمين على المؤسسات العقابية ومكتباتها من خلاله معرفة كل الكتب والمواضيع التي يتم تداولها بين المسجونين.
4:3: الفهرسة والتصنيف: من خلال زيارتنا الميدانية لمكتبات السجون وجدنا أنها تعتمد على الحد الأدنى من البيانات الببليوغرافية في وصفها وفهرستها للكتب ومختلف الوثائق التي تتيحها لروادها عند إعدادها لأدوات البحث والإسترجاع (الفهارس)؛ فهي تقتصر على إسم المؤلف وعنوان الوثيقة فقط، وأحيانا يضاف الموضوع وأيضا إسم الناشر مثلما هو معمول به في مكتبة سجن الحراش، مع إعطاء شفرة خاصة بكل كتاب، تتم من خلال إعطاء رقم أو حرف خاص يرمز به للموضوع أو الصنف بعدها شرطة مائلة ثم الرقم التسلسلي للكتاب ضمن الصنف مثلما هو معمول به في مكتبة سجن بلعباس، مثال: 0088/06 "المسند الصحيح"، حيث الرقم ستة 06 يرمز به للمواضيع الدينية، وأحيانا يتم الإستغناء عن الشرطة المائلة في حالة الرمز للتصنيف بحرف أبجدي، مثلا في مكتبة سجن الحراش يستعمل الحرف (z) باللغة الفرنسية للتعبير عن القصص والروايات ثم بعده الرقم التسلسلي للكتاب ضمن نفس الموضوع، مثال:  z1530 قصة "تجاربي مع الحقيقة" للكاتب "منير البعلبكي"، z1531 قصة "أيام معه" للكاتبة "كولييت سهيل" وأحيانا نجد أنه تم الإستغناء نهائيا عن الرمز الخاص بالموضوع والإعتماد فقط على الرقم التسلسلي لكل كتاب كما هو معمول به في فهرس الكتب باللغة الفرنسية بمكتبة مؤسسة إعادة التربية والتأهيل بالشلف، أو في فهرس ثاني لمكتبة مؤسسة الحراش، أما في مكتبة سجن البرواقية التصنيف يرمز له بالحروف ثم يأتي الرقم التسلسلي للكتاب، فموضوع الثقافة مثلا يرمز له بحرفين هما (ثق) ثم يأتي الرقم التسلسلي للكتاب، أما الروايات باللغة الفرنسية يرمز لها بحرفين هما (RO) ثم يأتي الرقم التسلسلي للكتاب أيضا.
1:4:3: أنواع الفهارس: طريقة الفهرسة المعتمدة تتيح إنشاء فهرس عناوين مصنف، أين يتم تصنيف الكتب المفهرسة وتقسيمها إلى مواضيع محددة من ثم يتم ترتيبها حسب الترقيم التسلسلي تحت كل موضوع، مع تقسيمها إلى كتب باللغة العربية وأخرى باللغات الأجنبية، من هنا يتم إنشاء فقط فهرس عناوين مصنف موضوعيا باللغة العربية وآخر باللغات الأجنبية في الخصوص اللغة الفرنسية، مما يعني أن مداخل البحث المتاحة للمستعملين تتمثل بالأساس في موضوع الكتاب وعنوانه، أو إسم المؤلف إلا أن البحث بإسم المؤلف صعب لعدم وجود فهرس مؤلفين مرتب ترتيب هجائي.
2:4:3: أشكال الفهارس: مكتبات السجون في الجزائر تعتمد في الأساس على الفهرس المطبوع تكون صفحاته في مجلد بلاستيكي يوضع في أماكن تواجد المسجونين مثل الساحات والقاعات، كما يوجد لدى مكتبة الحراش شكل آخر من الفهارس يتمثل في الفهرس الآلي، إلا أن عملية البحث فيه مقصورة على الموظفين فقط لأنه غير متاح للنزلاء.
4: خدمة الإعارة: 
     هناك ثلاثة أنظمة إعارة يتم العمل وفقها في مكتبات السجون الجزائرية من أجل إتاحة المجموعات للنزلاء وهي:
1:4: نظام الرفوف المفتوحة: يعتمد هذا النوع من أنظمة الإعارة على السماح للمسجونين من الدخول إلى مخزن الكتب والتجول بين رفوف المكتبة لإختيار كتاب ما والإطلاع عليه، إلا أنه غير متاح لجميع النزلاء، بل لفئة قليلة ومحدودة منهم لإستحالة ذلك عمليا وأمنيا، نظرا لكثرة عدد النزلاء، إضافة إلى صغر حجم المكتبات وقلة المساحات المخصصة لها أو لقاعات المطالعة، مما يقلل من قدرات إستيعابها للرواد المستفيدين منها في الوقت ذاته، إضافة إلى الدواعي والإجراءات الأمنية التي تتطلب مرافقة كل نزيل من طرف عون إعادة التربية في كل تحركاته وتنقلاته داخل السجن وهذا يتطلب أعداد كبيرة جدا من الأعوان، على هذا الأساس فإن الإستفادة من هذا النظام غير متاح للجميع لكن يتم مراعاة بعض الحالات، مثل السجناء الذين يحضرون للشهادات والإمتحانات من الطلاب والمتمدرسين فتمنح لهم الأولوية في حالات خاصة.
2:4: النظام المغلق: هذا النوع من الإعارة هو أكثر إنتشاراً وإستعمالا في مكتبات السجون الجزائرية، وهو النظام الذي يعتمد في طريقة عمله على توفير فهارس للكتب يطلع عليها المحبوس ويسجل الكتب التي يريد إستعارتها في إستمارة خاصة، ويسلمها لرئيس الجناح، الذي يجمعها ويسلمها بدوره لعامل بالمكتبة من أعوان إعادة التربية، الذي يشرف على جمعها من كل أجنحة السجن المعنية بالإعارة، من ثم تسليمها لعمال المكتبة المكلفين بالبحث وإسترجاع الكتب من على الرفوف حسب الطلبات، ليتم بعدها وضعها في عربة خاصة بنقل الكتب التي يتم الإستعانة بها في التنقل بين الأجنحة وتسليم الكتب لطالبيها، وأحيانا لا تستعمل العربة بل الأيدي أو صندوق خاص يحمل من طرف الأعوان أو المحبوسين، حسب الظروف ومدى قرب أو بعد الجناح عن المكتبة مثلما هو عليه الحال في مؤسسة الحراش[11].
3:4: نظام العربة المتنقلة: يمكننا أيضا تسميته بنظام الرفوف المفتوحة المصغر، أو نظام المكتبة المتنقلة المصغرة، يعتمد هذا النوع من أنظمة الإعارة في مكتبات السجون الجزائرية على عربة مخصصة لنقل الكتب إلى النزلاء للإطلاع عليها وتصفحها، من ثم الإختيار من بينها ما يلاءمهم، مع تجديد الكتب بها دائما وبإستمرار، تستعمل هذه الطريقة من الإعارة خاصة أثناء تواجد النزلاء في الفناء، أين يسهل كثيرا الوصول إليهم كلهم بأسرع وقت وأقل جهد، لتفادي كثرة الحركة والتنقل بين الأجنحة خصوصا المتباعدة فيما بينها أو عن المكتبة، فمثلا مكتبة سجن بلعباس لها عربة مصنوعة محليا داخل السجن من الحديد والخشب إرتفاعها حوالي 1.40 متر تستطيع حمل أكثر من مئة كتاب بفضل أربعة رفوف مفتوحة على جهتين مثلما يوضحه الشكل التالي:


الشكل رقم(01): شكل تقريبي لعربة نقل الكتب في مكتبة مؤسسة إعادة التربية والتأهيل ببلعباس.
وكذلك الحال بالنسبة لمكتبة مؤسسة إعادة التربية والتأهيل بالشلف تم صنع لها عربة من الحديد على مستوى ورشات الإدماج إرتفاعها حوالي 1.40 متر أما الطول 1.50متر، والعرض 1 متر، تستطيع نقل أكثر من 150 كتاب حسب ما يوضحه الشكل التالي:


الشكل رقم(02): شكل تقريبي لعربة نقل الكتب في مكتبة مؤسسة إعادة التربية والتأهيل بالشلف.
فيما يتعلق بمؤسستي البرواقية والحراش لم نتمكن من الإطلاع على عربتيهما لنقل الكتب لكنهما من نفس شكل عربة مكتبة بلعباس تقريبا حسبما تم وصفهما لنا من قبل العاملين بالمكتبتين.
 5: الإمكانيات البشرية لمكتبات السجون في الجزائر:
     خصوصية القطاع الذي تتبعه مكتبة السجن يجعل من الصعب جدا توفير متخصصين في علم المكتبات ضمن الإطار البشري المسير لها، ويرجع ذلك لكون التوظيف في القطاع يقتصر فقط على بعض التخصصات، يعتبر تخصص علم المكتبات ليس من ضمنها. المكتبات تابعة لمصلحة إعادة الإدماج، هذه الأخيرة تعتبر أهم مصلحة في السجن لكونها تمثل جوهر مهامه وتحقق الهدف الرئيسي من إنشائه، وذلك بإعادة تأهيل وإدماج المسجونين، يشرف على هذه المصلحة ضابط إعادة الإدماج والتربية الذي يشترط فيه أن يكون حائز على شهادة الليسانس، وبالتالي يعتبر بمثابة مدير المكتبة والمسؤول الأول عنها، أيضا من بين العاملين في مكتبات السجون الجزائرية والذين يعتبرون بمثابة الجهاز التنفيذي لها والقائمين الفعليين والمباشرين على مختلف أعمالها، نجد العديد من الرتب كرقيب إعادة التربية، أعوان إعادة التربية، إضافة لحراس الأمن؛ حيث هذه الفئات من العاملين بالمكتبة هي من يقوم بتنفيذ أعمالها والقيام بمختلف خدماتها ونشاطاتها، كإعارة الوثائق وإسترجاعها، الفهرسة، التنظيم والترتيب، الإحصائيات، المسابقات... ويتمتع البعض منهم بمستوى علمي عالي مثلما هو الحال فيما يخص رقيب إعادة التربية بمكتبة سجن الحراش الحاصل على شهادة الليسانس في الأدب، كما أن منهم الحاصل على شهادة الباكالوريا أو المستوى النهائي من التعليم الثانوي؛ كما يوجد للبعض منهم الخبرة الكبيرة في ذلك مثلما هو عليه الحال بالنسبة لعون إعادة التربية بسجن بلعباس صاحب الخبرة لمدة 30 سنة عمل في المؤسسات العقابية، 10 سنوات منها خبرة كمسير لمكتبة سجن الشلف، أيضا من بين العاملين بمكتبات السجون نجد النزلاء أنفسهم، فكل مكتبات السجون التي قمنا بدراستها تستعين بأعداد مختلفة من المحبوسين في تنفيذ وإنجاز أعمالها المختلفة لمساعدة القائمين عليها في ذلك، يكلفون بإعداد الفهارس، الترتيب والتنظيم، تمرير العربة على الأجنحة لإعارة الكتب، وغيرها من الأعمال المكتبية، يتم إختيارهم للعمل في المكتبة وفقا لعدة معايير أهمها العقوبة المسلطة عليهم فيشترط أن لا تكون بسبب تهمة خطيرة كالمخدرات أو القتل... ومدتها بأن لا تزيد عن سنتين أو ثلاث سنوات وأحيانا حتى خمس سنوات بالأكثر، كما يشترط فيهم أن يكونوا من حاملي الشهادات العليا من المستوى الجامعي في الغالب أو أصحاب مستوى علمي مقبول يؤهلهم للعمل في المكتبة، على أن يكونوا من العقلاء والمعروفين بحسن السلوك والإنضباط داخل السجن والسيرة الحسنة؛ ويتم تكوينهم على العمل المكتبي فقط عن طريق الممارسة والتدريب الميداني. قبل خروج السجين العامل في المكتبة من السجن وعندما تتبقى له مدة قصيرة على الخروج، يتم إختيار سجين آخر ليتعلم منه ليعوضه بعد خروجه[12].
6: الإمكانيات المادية لمكتبات السجون في الجزائر :
     المقومات المادية ضرورية لأي مكتبة حتى تستطيع أداء مهامها، ومكتبات السجون في الجزائر هي الأخرى لها من الإمكانيات ما يأتي:
1:6: البنايات: المكتبات التي سمح لنا بزيارتها والدخول إليها (بلعباس، الشلف، الحراش) بناياتها كلها متشابهة، فهي عبارة فقط عن قاعة واحدة متعددة الوظائف تعتبر مخزن لرفوف الكتب، وقاعة للمطالعة، ومساحة للعمل من خلال المكاتب المتواجدة بها، والإختلاف الوحيد بينها هو المساحة أو علو السقف، ومما توقفنا عنده من خلال الزيارة الميدانه أنه لا يمكن تخصيص مباني مستقلة للمكتبات هذه عن بقية السجن نظرا للموقع الذي تحتله وضيق المساحة المخصصة لها، رغم هذا فإن مكتبة مؤسسة إعادة التربية والتأهيل بالشلف خصص لها مخزن صغير مؤقت للكتب أو الكتب المستبعدة[13]، أيضا في سجن الحراش خصصت مكتبة صغيرة في جناح النساء وأخرى في جناح الأحداث[14].
2:6: الموقع: المكتبات موضوع الدراسة البنايات الخاصة بها تحتل وسط السجن وتقع ضمن مجمعات إعادة الإدماج والتأهيل التي تحتوي على أقسام لورشات العمل والتكوين مثل ورشات النجارة والخياطة... وأقسام خاصة بالتدريس والتعليم مثل قسم لتعليم الإعلام الآلي وأخرى خاصة بمختلف الأطوار التعليمية، حيث تتواجد من بينها المكتبة كما هو عليه الحال في سجن الشلف، فالمكتبة متواجدة ضمن مجمع الإدماج الذي هو عبارة عن بناية كبيرة مع رواق طويل بجوانبه المكاتب وقاعات التدريس وينتهي هذا الرواق في آخره بالمكتبة الخاصة بالسجن؛ كذلك بالنسبة لمكتبة سجن الحراش التي هي الأخرى تقع وسط السجن، وللوصول إليها مررنا بالعديد من الأبواب والماسحات الضوئية، توجد بالقرب من مكاتب إعادة الإدماج وأجنحة السجناء قريبة منها أيضا، وكذلك الحال بالنسبة لمكتبة بلعباس الوصول إليها يتطلب المرور على مختلف ورشات العمل وقاعات الرياضة، كما يوجد بالقرب منها قاعة لتدريس الإعلام الآلي.
 3:6: المساحة: مساحات المكتبات مختلفة ومتفاوتة ويرجع ذلك لإختلاف إمكانيات وطبيعة بنايات السجون في الجزائر، والجدول التالي يوضح لنا المساحة الإجمالية لكل مكتبة قمنا شخصيا بحسابها بالتقريب لعدم وجود أداة للقياس:
المؤسسة
مساحة المكتبة
الحراش
90م2
البرواقية
200م2
الشلف
216م2
بلعباس
50م2
الجدول رقم(1): مساحات مكتبات مؤسسات إعادة التربية والتأهيل بالجزائر.
   من خلال الجدول السابق نلاحظ أن هذه المكتبات تعاني من نقص كبير في مساحاتها، ويعود ذلك لقلة المساحة في السجون الجزائرية والتي تواجه صعوبات كبيرة في هذا الجانب خاصة فيما يتعلق بإيجاد أماكن خاصة بإيواء المساجين نظرا للإكتضاض الشديد بها، ولكون معظم السجون في الجزائر موروثة عن الحقبة الإستعمارية وبالتالي لا تراعي المعايير الدولية في بنائها حيث أن المساحة المخصصة للسجين الواحد في الجزائر تقدر بـ 1.86م2 بينما المعايير الدولية تدعوا إلى تخصيص 12م2 للسجين[15] وهذا يدل على العجز الكبير في المساحات المتوافرة لدى المؤسسات العقابية في إيواء المسجونين بالجزائر مما يصعب على القائمين عليها تخصيص المساحة الملائمة للمكتبة.
4:6: التجهيز: فيما يخص المكتبات التي قمنا بزيارتها ميدانيا لاحظنا أنها كلها مجهزة برفوف للكتب تم إلصاقها كلها على الجدران في شكل حلقة وهذا من أجل ربح مساحة في وسط القاعة تخصص للعمل والمطالعة، فمكتبة الشلف مثلا مجهزة بثلاث مكاتب للعمل والإعارة تحمل جهاز حاسوب واحد وطابعة من أجل المعالجة الفنية لأوعية المعلومات وطبع الفهارس وغيرها... كما يتوسطها طاولة كبيرة حولها 18 كرسي مخصصة للمطالعة أو عقد نقاشات العمل وتنظيم مختلف النشاطات بها، أثناء زيارتنا الميدانية لها شهدنا بها إنعقاد جلسة عمل بين مدير السجن ورئيس مصلحة إعادة الإدماج والأساتذة حول تحضير السنة الدراسية الجديدة، أيضا تم تجهيزها بمكيفين للهواء مع وجود مآخذ كهرباء كافية لها وللأجهزة الخاصة بالمكتبة، ووجود هاتف قريب منها على مستوى مكتب رئيس مصلحة الإدماج، ونظام إنذار إلكتروني في حالة حدوث الحرائق أو غيرها من الكوارث؛ بينما مكتبة سجن الحراش فهي مجهزة إضافة للرفوف بـ 20 طاولة مجمعة في شكل طاولة واحدة، مع 30 كرسي حولها مخصصة للمطالعة، إضافة إلى مكتبين من الخشب بهما جهازي حاسوب، وآلة طابعة متعددة الخدمات (نسخ، مسح ضوئي، طبع) وآلة أخرى ناسخة، كل هذه التجهيزات مخصصة لتسيير العمل اليومي للمكتبة، كما أنها مكيفة بجهاز تكييف هواء واحد من أجل تلطيف الجو، إضافة لوجود هاتف خاص بمكتب مصلحة إعادة الإدماج الملاصق لها يمكن إستعماله عند الحاجة بكل سهولة، مع وجود القارورات الخاصة بإطفاء النار في حالة إندلاع أي حريق. مكتبة سجن بلعباس هي الأخرى مجهزة بالرفوف الخاصة بالكتب إضافة لأربع خزانات كبيرة بها العديد من أشكال الكتب، وبالقرب منها صبورة معلق عليها كل النشاطات والأعمال والتوقيت، إضافة للعديد من الأعمدة الإشهارية، ويتوسط القاعة مجموعة طاولات مرتبة لتشكل طاولة واحدة كبيرة حولها 40 كرسي مخصصة للمطالعة وغيرها من النشاطات، ومجهزة  بمكتب للعمل مع جهازي حاسوب وطابعتين وآلتي نسخ، واحدة منها بها ماسح ضوئي، وتحتوي على نظام إنذار إلكتروني، لكن من نقائصها عدم وجود مكيفات الهواء، أما فيما يخص مكتبة سجن البرواقية التي لم يسمح لنا بزيارتها وبالتالي لم نلاحظ تجهيزها بأنفسنا لكن من خلال المقابلة مع مسؤول المكتبة فهي مجهزة على غرار المكتبات الأخرى التي زرناها بالرفوف، والمكاتب، وأجهزة الحاسوب، وآلات النسخ، وطاولة كبيرة وكراسي مخصصة للمطالعة، مع تكييف مركزي[16].
5:6: المحيط: فيما يخص محيط مكتبات السجون الجزائرية التي زرناها، المكتبات متواجدة بوسط السجون وبالتالي توفير محيط خارجي جيد وملائم لها كأن تكون محاطة بحديقة غير ممكن عمليا، فهي محاطة كما سبق لنا ذكره على الخصوص بقاعات التدريس وغيرها من القاعات المخصصة لنشاطات إعادة الإدماج، أما المحيط الداخلي فالأمر يختلف، فمثلا مكتبة مؤسسة الشلف أثناء زيارتنا الميدانية لها أول ما شد إنتباهنا عند الدخول إليها هو الرائحة العطرة التي تبعث في النفوس الراحة والطمأنينة وتحفز على السكون والتركيز والمطالعة، إضافة للأرضية الناصعة البياض والنظافة الرائعة مع إضاءة جيدة جدا والهدوء الشديد رغم إنعقاد إجتماع بها نظرا لإرتفاع سقفها مما يقلل من حجم الأصوات المرتفعة والفوضى، إضافة لكونها بعيدة عن مصادر الضجيج فحتى قاعات التدريس القريبة منها تتميز بالهدوء؛ كما تم تزيينها بالعديد من الصور واللوحات الجميلة، أما مكتبة مؤسسة الحراش فهي الأخرى مزينة ببعض الأعمال التي صنعها النزلاء مثل الرسومات والأشكال المختلفة، والكؤوس التي فازو بها، فيما يتعلق بمكتبة سجن بلعباس فهي مزينة بساعة كبيرة وصور للطبيعة وآيات قرآنية جميلة جدا؛ كل هذا يوفر في هذه المكتبات جو ومحيط داخلي رائع ومميز يساعد كثيرا على العمل أو المطالعة.
7: التكنولوجيات الحديثة في مكتبات السجون الجزائرية:
إستخدام التكنولوجيات الحديثة في هذه المكتبات موجود لكن بشكل محدود جدا، وقد لاحظنا ذلك من خلال زيارتنا الميدانية للمؤسسات التي سمح لنا بالدخول إليها بإستخدامها لأجهزة الإعلام الآلي في إنجاز بعض الأعمال المكتبية مثل الجرد والإعارة وتسجيل عناوين الكتب أو أسماء المستعيرين لها، أو من خلال إنجاز قوائم لمحتويات المكتبة (الفهارس) وطبعها للإطلاع عليها من قبل المستفيدين، كما تستخدم في القيام بالإحصائيات وكتابة التقارير والإرساليات الشهرية والسنوية، أما فيما يتعلق بالبرامج الآلية المستخدمة في إدارة وتسيير المكتبات فيتم إستخدام نظام آلي يعرف بإسم "مكتبتي" تم تزويد مكتبة الحراش به من طرف المديرية العامة لإدارة السجون ولكن ينحصر إستخدامه في إعداد الفهارس والإحصائيات حول نسب الإستعارة والجرد، ولا يستخدم من طرف النزلاء في عملية البحث والإسترجاع، إلا أنه وللأسف الشديد لم يتم منحنا معلومات كبيرة عنه حيث إطلعنا فقط على قائمة الكتب المخزنة في قاعدة البيانات الخاصة به وكيفية البحث فيها، وهذا لعدم إمتلاك القائمين على المكتبة عنه معلومات كافية، أما فيما يتعلق بأوعية المعلومات الحديثة مثل الأقراص المضغوطة فهي موجودة مثلما هو عليه الحال في مكتبة سجن بلعباس لكنها غير متاحة الإستعمال للنزلاء لأن القانون يمنعها عنهم فمن الممكن أن تتحول إلى أداة حادة وتشكل تهديدا لهم؛ لكن يمكنهم الإطلاع على محتواها من خلال طبع إدارة المكتبة ما يحتاجونه منها وتوفيره لهم[17]. فيما يتعلق بوسائل الإتصال الحديثة والمتمثلة بالأساس في الأنترنيت فهي غير موجودة بالمكتبات لأن موقعها داخل الإحتباس[18] وهذا ممنوع قانونا[19]، فوفق المرسوم التنفيذي الذي يحدد وسائل الإتصال عن بعد وكيفيات إستعمالها، جاء في المادة الثانية منه أنه يقصد بوسائل الإتصال عن بعد التي يمكن للمسجونين إستعمالها "الهاتف"، ثم جاءت العديد من المواد الأخرى التي تتحدث عن وجوب تجهيز المؤسسات العقابية بهذه الوسيلة الإتصالية وحق المسجونين في إستعمالها مرة كل 15 يوما إلا في الحالات الطارئة مع الرقابة عليها...[20]
8: أثر المكتبة على نزلاء السجون:
     في محاولة منا لمعرفة رأي النزلاء حول مكتبات السجون، ولقياس مدى إمكانية تأثيرها عليهم، قمنا بطرح عليهم العديد من الأسئلة من خلال إستمارات إستبيان، وزعت على 400 نزيل في السجون الأربعة التي سبق ذكرها، تم إسترجاع منها 324 إستمارة قمنا بتحليل الإجابات الواردة فيها، توصلنا من خلالها إلى ما يلي:
1:8: تحفيز مكتبة السجن النزلاء على المطالعة:
النسبة المؤوية
التكرارات
هل تحفزك المكتبة على المطالعة؟
54.93 %
178
نعم
31.17 %
101
لا
13.88 %
45
دون إجابة
   100 %
324
المجموع
الجدول رقم(02): تحفيز مكتبة السجن النزلاء على المطالعة:
  من بين الأسئلة المطروحة هو ما إذا كانت مكتبة السجن تحفزهم على المطالعة؟  فتحصلنا على الجدول رقم (02) والذي دلت نتائجه على أن 54.93%من المستجوبين تشجعهم مكتبة السجن وتحفزهم على المطالعة، وذلك نظرا لتوفرها على كتب قيمة ومفيدة تثري الرصيد المعرفي لهم، مع حريتهم في إختيار ما يريدونه من خلال الفهارس حسب إجابات أحدهم، وقد جاءت العديد من التدخلات الأخرى التي تؤكد ذلك سوف نسوقها حرفيا، فقال أحد السجناء أن مكتبة السجن تشجعهم على المطالعة: «لأنها توفر لهم كتب ووثائق تجعلهم يتهافتون عليها»، وقال سجين ثان: «لأنها تؤدي إلى غرس روح المطالعة في النفس وتكوين شخصية متحضرة» وقال ثالث: «هناك عناوين تشجع النزيل على مطالعة الكتب والوقت كافي لقراءة كتاب في الأسبوع» وقال آخر: «لأنها توفر كل ما في بطنها له وهذا ما في وسعها» أو كما قال آخر: «لأن المكتبة وفرت فهرس فيه كل جرد الكتب الموجودة في المكتبة وعليه يجب على النزيل فقط طلب هذه الكتب...» وغيرها من الإجابات الكثيرة التي أجمعت على أن مكتبة السجن لها دور كبير وفعال في دفعهم على القراءة والمطالعة؛ إلا أن %31.17 من أفراد العينة المدروسة يرون عكس ذلك تماما، وذلك نظرا لوجود بعض النقائص والمشاكل المتعلقة بعمل المكتبة، فقال أحد النزلاء أن المكتبة لا تشجعهم على المطالعة: «لأنهم عندما يقولون لك الكتاب أو العنوان غير موجود فهذا يعتبر تنفير لهم»، وأكد آخر على أنها كذلك «لأنها لا تقوم بالعمل اللازم الخاص بها في هذا المجال بحيث في كثير من الأحيان لا يتم جلب الكتاب المطلوب مما يجعل كثيرا من النزلاء تتراجع الرغبة عندهم في المطالعة»، وقال آخر: «لا يوجد في المكتبة من يشجع على ذلك لأني لم أرى يوما أصحاب المكتبة يستدعون النزلاء ويعرفون لماذا يعزفون عن المطالعة أو ما هي الكتب التي يحتاجونها»، وغيرها كثير من الإجابات التي دلت على عدم تشجيع مكتبات السجون في الجزائر النزلاء على المطالعة. من خلال هذه الإجابات والنتائج يمكننا القول أن مكتبات السجون إستطاعت أن تحفز وتشجع أكثر من نصف المستجوبين من النزلاء على المطالعة، إلا أنها لم تستطع تحقيق ذلك بالنسبة لفئات أخرى كثيرة.
2:8: مساعدة مكتبة السجن النزلاء على التأقلم مع البيئة العقابية:
النسبة
التكرارات
هل تساعدك المكتبة على التأقلم مع البيئة العقابية؟
51.85 %
168
نعم
30.24 %
98
لا
17.90 %
58
دون إجابة
   100 %
324
المجموع
الجدول رقم (03): مساعدة مكتبة السجن النزلاء على التأقلم مع البيئة العقابية.
     أهمية مكتبة السجن ودورها في حياة النزلاء لا تقتصر على تشجيعهم ودفعهم للمطالعة داخل البيئة العقابية فقط، إنما لها تأثير كبير وإيجابي على نسبة كبيرة منهم بمساعدتهم على التأقلم مع هذه البيئة الجديدة والتعود عليها، ويبين لنا الجدول رقم (03) أن 51.85% من عدد النزلاء المستجوبين ساعدتهم المكتبة على التأقلم مع جو السجن، وذلك لما لها من دور في مساعدة النزيل على تنظيم حياته داخله والتخفيف من القلق والإضطراب، فينسى همومه ويملأ الفراغ الذي لديه بالمعرفة وإجتناب رفقاء السوء، وهذا ما يسمح له بقضاء مدة السجن في أفضل حال، ولا يمكن لمكتبة السجن القيام بهذا الدور إلا بتوفير كتب شيقة ومثيرة تجلب إهتمام النزلاء، وتنسيهم مشاكلهم لتبقيهم هادئين، وفي هذا الصدد جاءت إجابات العديد منهم-نسوقها حرفيا- أن:«الإنشغال بمطالعة الكتب وغيرها تجعل النزيل يعيش في هدوء» فـ: «كل النزلاء الذين يطالعون تجدهم هادئين» وذلك: « لأن مطالعة الكتب تجعل العقل يثبت مع القراءة والفهم والمعرفة ولا يفكر في الجدران»، كما تجنبهم الإحساس بالوحدة لأنه : «بالمطالعة واللجوء للمكتبة يخالط النزيل الحراس والنزلاء ويؤثرون فيه بالإيجاب فلا يكون له خوف أو إنطواء من ذاته وعن محيطه»، أيضا حسب إجابات مسجونين آخرين فإن مكتبة السجن مهمة جدا داخل البيئة العقابية ولا يمكن للسجين الإستغناء عنها إن أراد التأقلم والتعود على بيئة السجن لأنها : «تمنعه من التفكير السلبي في المشاكل والهموم والقلق» وتربطه بالواقع المعاش خارجا فـ:«المطالعة والكتب والمجلات العلمية هي بمثابة الأبواب المفتوحة على العالم الخارجي» و«لأنها تخرجك من السجن إلى الحياة الخارجية». بينما أجاب 30.24% أن مكتبة السجن لم تساعدهم على التأقلم مع البيئة العقابية وهذا يرجع للدور المحدود الذي تلعبه بالنسبة لهم، وللأهمية القليلة في حياتهم، فهي تملأ حيز زمني قليل مقارنة بوقت الفراغ الكبير الموجود بداخل السجن، والجو الداخلي فيه لا يساعد على ذلك لأن البيئة سيئة جدا، فالبيئة المغلقة صعبة التكيف حسب إجابات الكثير منهم.
3:8: مساهمة مكتبة السجن في إصلاح وإعادة إدماج النزلاء:
النسبة
التكرارات
هل تساهم المكتبة في الإصلاح وإعادة الإدماج للسجناء؟
51.85  %
168
نعم
28.70  %
93
لا
19.44 %
63
دون إجابة
   100 %
324
المجموع
الجدول رقم (04): مساعدة مكتبة السجن في إصلاح وإدماج النزلاء.
     أردنا معرفة ما إذا كان لمكتبات السجون في الجزائر إسهام في تغيير النزلاء وإعادة إدماجهم في المجتمع بعد خروجهم منه، وذلك من خلال معرفة آراء المعنيين وتصوراتهم حول ذلك، ومن خلال الجدول رقم (04) يرى 51.85% من أفراد العينة المدروسة أن مكتبة السجن لها دور إيجابي وفعال في إصلاح المسجون وإعادة إدماجه في المجتمع، وهذا حسب إجابات النزلاء أنفسهم، فيرى الكثير منهم أنه يمكن للمكتبة تحقيق ذلك: «لوجود فيها كتب تعلمك الحياة وكيفية كسب الرزق الحلال إضافة إلى تعلمك الدين»، وهي بذلك تعمل على«التغيير من أخلاقه خاصة بمطالعة كتب الدين» و«تغيير فيه أشياء كانت خالدة في ذهنه لأن كل مطالعة فهي علم وتهذيب وتربية وهذا ما يحتاجه المذنب»، فـ: «إذا كانت المكتبة في المستوى فسيتبدل سلوك السجين بنسبة 500%» ويمكنها ذلك أيضا: «لأنها تغير من ذهنياته وترفع معنوياته وتشجعه على تغيير نمط حياته»، وبالتالي «تعلمه كيف يتكيف مع المجتمع». بينما يرى 28.70% من المستجوبين بأن مكتبة السجن لا يمكنها حسب رأيهم ذلك لعدم إحتوائها على كتب في فقه الإصلاح، ولأن الإصلاح يكون خارج السجن، كما أن الكتب ليست هي الحل، فالمشكل جذري في المجتمع وصعب نجاح إعادة الإدماج في البيئة العقابية، ولن تتمكن مكتبة السجن من تأهيل وإعادة إدماج المسجونين لوجود عراقيل تحول دون ذلك، فهم غالبا لا يطالعون لقلة الإعارة أو لأن المطالعة مجرد تمضية للوقت بالنسبة للكثير منهم، أيضا من بين ما جاء في إجاباتهم من آراء أن مكتبة السجن «لا تساعد بما فيها الآن من كتب أما إذا تحسنت الكتب فهي لا شك تساعد على الإصلاح والإندماج» وذلك لـ: «قلة مواضيع المطالعة وعدم مواكبتها للإصلاحات الجديدة والحياة خارج السجن»، كما «لا يوجد كتب تعالج هذا الأمر مثل الكتب الدينية التي تدعو إلى التوبة والصبر على الأقدار وكتب الذين خرجوا عن الطريق ثم عادوا وأصبحوا عظماء وكتب التي تعالج موضوع الأصدقاء» وأيضا لأن «الجو لا يساعد ودور المكتبة قليل مقارنة بوقت الفراغ»، كما لا يمكنها ذلك: «لأن السجناء أميون» و «لأن إختلاطه مع النزلاء الآخرين المشاغبين يؤثرون على حياته المستقبلية».
     يمكننا القول أن مكتبة السجن حسب آراء النزلاء يمكنها إعادة إدماجهم وإصلاحهم إذا ما توافرت لديها كتب ووثائق مهمة تشجعهم وتدعوهم  لذلك، خاصة كتب الدين والقصص والعبر التي تروي أحداث عن حياة الشخصيات الواقعية التي تحدت الصعاب وتغيرت نحو الأحسن، فيمكن للنزيل التأثر كثيرا والإقتداء بها، وقد أخبرنا القائمين على مكتبات السجون التي زرناها أنهم كثيرا ما يلاحظون الأثر الإيجابي للمكتبة على بعض النزلاء من خلال مداومتهم على المطالعة شيئا فشيئا، وتغير سلوكهم داخل السجن، مثلما كان عليه الحال لأحد النزلاء الذي دخل أميا إلى السجن وبعد إنضمامه لبرنامج محو الأمية والمطالعة الدائمة وقراءة القرآن والدخول في الجو العلمي المتاح بالسجن إستطاع الحصول على البكالوريا ثم شهادة جامعية غيرت حياته بعد إطلاق سراحه[21].
4:8: أهمية وجود مكتبة في السجن بالنسبة للنزلاء:
النسبة
التكرارات
هل وجود مكتبة في السجن أمر ؟
01.23 %
04
غير ضروري
32.09 %
104
ضروري
62.65 %
203
ضروري جدا
02.77 %
09
لا أدري
01.23 %
04
دون إجابة
    100 %
324
المجموع
الجدول رقم (05): أهمية وجود مكتبة في السجن بالنسبة للنزلاء.
     عند سؤالنا للمبحوثين عن مدى أهمية وجود مكتبة في السجن جاءت نتائج الجدول رقم (05) لتدل على إجماع شبه تام من طرفهم على أهميتها وضرورة وجودها داخل البيئة العقابية، فبإستثناء 01.23% من المستجوبين الذين أجابوا بأن وجودها غير ضروري في السجن، وهي الفئة التي تقلل من أهمية المكتبة ودورها الكبير في حياة الفرد والمجتمع، أو 02.77% من من كانت إجابتهم بـ لا أدري، فإن البقية كلهم أجمعوا على أن وجودها ضروري في السجن بنسبة 32.09% أو ضروري جدا بنسبة 62.65% وهذا ما يؤكد على أهمية وضرورة وجود المكتبة في السجن بالنسبة للنزلاء مهما كانت نوعية الخدمات التي تقدمها لهم بإجماع الفئتين منهم (94.74%) ، ويرجع سبب هذا الإجماع إلى الدور الذي تلعبه في حياتهم خاصة داخل المؤسسة العقابية من تشجيع لهم على القراءة مثلما سبق ذكره ولتأثيرها الكبير عليهم حسب ما سيأتي.
5:8: تأثير مكتبة السجن على حياة النزلاء:
النسبة
التكرارات
هل أثرت المكتبة في حياتك؟
51.85 %
168
نعم
37.03 %
120
لا
11.11 %
36
دون إجابة
   100 %
324
المجموع
الجدول رقم (06): تأثير مكتبة السجن على حياة النزلاء.
     إنشاء مكتبات في السجون الجزائرية وتدعيمها بالإمكانيات والموارد المتاحة من أجل تقديمها لخدمات ونشاطات مختلفة لتحفيز المستفيدين منها على المطالعة، كان له إنعكاس وتأثير إيجابي على 51.85% من النزلاء عينة مجتمع البحث، كما غيرت الكثير في حياتهم نحو الأحسن، وذلك حسب النتائج المتحصل عليها من خلال الجدول رقم (06) أين قال أحد النزلاء أنه بفضلها «تعلمت الكثير في أمور الدنيا والدين والمعاملات، وإكتسبت ثقافة عامة وكيف أعامل جميع العقول الموجودة هنا»، وأجاب آخر أنها: «علمتني مطالعة الكتب، والمطالعة، أعطتني الصبر والإبتعاد عن القيل والقال، وحب الكتاب وقيمته وفوائده»، ومن بين ما قاله أحد السجناء أيضا «كنت أجالس أصحاب السوء، أما الآن أصبحت أجالس كتابي أتحدث معه»، فبفضلها قال أحد النزلاء: «إكتشفت النقائص في شخصيتي وغيرت طريقة تفكيري في الحياة والمجتمع»  وقال آخر:«تعلمت أحب الحياة وليس كل شيء نحصل عليه بالعنف ونستطيع تمييز الناس» وأجاب آخر: «أصبحت بفضل المطالعة المستمرة أنظر إلى الحياة نظرة مغايرة تماما» كما أنه: «بكثرة المطالعة تهذبت نفسي وأصبحت أجد أن مستواي قد إرتقى وبدأت أبتعد عن أصحاب السوء وأصبحت أجد لذة الحياة» مثلما قال البعض، وقال آخر: «أصبحت أحترم الكتاب وأقدره فلا يفارقني»، كما أجاب نزيل آخر أن المكتبة «أخرجتني من العزلة وملأت الفراغ»، وقال عنها آخر أنها: «أعطتني صديقين وفيين وصاحبي ثقة هما الكتاب والقلم»، وغيرها كثير من الإجابات التي دلت على أهمية مكتبة السجن في حياة النزلاء ومدى تأثيرها عليهم وتغييرها لهم نذكر من بينها:« تزرع المكتبة حب المطالعة والإطلاع على مختلف العلوم داخل السجن فتجعل النزيل شخصا مهذبا مثقفا محبا للتعرف على مختلف الثقافات وعندما يخرج ستجده إنسانا يتصف بالعلم ويعرف كيف يبتعد عن المشاكل»، «تساهم في تغيير نظرة النزيل للمجتمع»، «غيرت طريقة تفكيري»، «لأني في السابق كنت أغذي جسمي فقط أما الآن فأنا أغذي عقلي أيضا، وأصبحت لي ثقافة لا بأس بها وذلك بفضل المطالعة»، «أنسى في بعض الأوقات أنني متواجد في تلك اللحظة داخل السجن»، «أنا سجين لكن لست مقيدا بوجود الكتاب فأنا حر وأصبح ذهني واسع جدا»، «أصبحت عندي ثقافة عامة في كل المجالات»، «تخرجني قليلا من محيط السجن»، «أبقى على إطلاع بالعالم الخارجي»، إذا تلك هي كانت إجابات النزلاء حول أهمية المكتبة بالنسبة لهم كنا نقلناها حرفيا بين مزدوجتين ووظفناها في شكل فقرات متصلة للتعبير عن مدى عمق تأثير المكتبة في حياتهم، بينما %37.03 من المستجوبين أجابوا بأن مكتبة السجن لم يكن لها أي دور أو تأثير عليهم، ولم تغير شيئا في حياتهم، وذلك لأنهم لم يجدوا في رصيدها من الكتب ما يمكن أن يغير من حياتهم لأنها عديمة القيمة حسب رأيهم، بل هي وسيلة ترفيه فقط، كما أرجع البعض ذلك لأنهم لا يستعملون المكتبة كثيرا، أو لم يستفيدوا من الكتب التي يرغبون فيها، أما آخرين فأرجعوا ذلك لأنهم كانوا يطالعون قبل الدخول للسجن، فلم تغيرهم المكتبة  فقال أحدهم: «لأنني تثقفت خارج السجن».
6:8: تأثير عدم وجود مكتبة في السجن:        
النسبة
التكرارات
هل عدم وجود مكتبة في السجن أمر؟
82.71 %
268
سيئ
07.09 %
23
عادي
07.40 %
24
جيد
02.16 %
07
لا أدري
00.61 %
02
دون إجابة
   100 %
324
المجموع
الجدول رقم:(07) تأثير عدم وجود مكتبة في السجن.  
     بعدما تعرفنا على أهمية مكتبات السجون في الجزائر وأثرها الإيجابي على بعض من النزلاء، والدور الذي تقوم به داخل البيئة العقابية من إصلاح وتحفيز لهم على المطالعة، قمنا بطرح عليهم سؤال حول تصورهم لوضعية السجن من دون مكتبة فجاءت نتائج الجدول رقم (07) على أن 82.71% منهم أجابوا بأن عدم وجودها هو أمر سيء ويؤدي إلى إنحطاط المعنويات والإنحراف نظرا لكثرة الأمية والجهل، كما يخيم الملل والجمود الفكري وتدهور أفكار النزيل، فقد أجاب أحد النزلاء: «مؤسف تضييع السنوات الطوال في غير طلب العلم» وأجاب آخر: «الكتاب خير جليس، فالمكتبة خير ثلة» وهذا ما يزيد من تأكيد لأهمية ودور المكتبة في حياة الأفراد والمجتمعات، وبعدها الإجتماعي والنفسي والإصلاحي، بينما أجاب 07.09% من المستجوبين بأن عدم وجود المكتبة في السجن أمر عادي، وهي الفئة التي ليس لها إهتمام كبير بالمكتبة وتُعتبر بالنسبة لهم أمر ثانوي نظرا لوجود لديهم إهتمامات أخرى كالرياضة والتلفاز...إلخ، كما أجابنا بعض النزلاء بلغت نسبتهم 07.40% بأن عدم وجودها هو أمر جيد، رغم أن معظمهم كانوا يقصدون من إجابتهم أن وجود مكتبة في السجن أمر جيد وفق تبريراتهم التي أوردوها في الإستبيان، وأجاب 02.16% بـ: لا أدري.
خاتمة:
     تعتبر المكتبات بمثابة نافذة أمل كبيرة بالنسبة لفئة المسجونين في الجزائر، ولها أهمية بالغة في حياتهم داخل السجن، وحتى بعد خروجهم منه، كونها تؤدي دور كبير جدا بالنسبة لفكرة إصلاح وإعادة إدماج النزلاء، إلا أنه وللأسف الشديد الكثير منا لا يعرف هذه الأهمية، وحتى منا من لا يعرف بوجودها أصلا رغم أن واقع حالها أفضل بكثير من بعض المكتبات، فهي كما رأينا فيما سبق لها أهمية كبيرة بالنسبة للسجن كون أهدافها تخدم وتكمل أهدافه، كما أنها مثلها مثل المكتبات الأخرى لها نفس الوظائف من تكوين وتنمية المجموعات من خلال التزويد المركزي أو الهدايا، تقوم بأعمال الجرد، الفهرسة والتصنيف، وبناء الفهارس بأنواع وأشكال مختلفة، كما تتيح مجموعاتها للمستعملين لها من خلال نظام الإعارة بالرفوف المفتوحة، أو من خلال النظام المغلق، أو العربة المتنقلة، تؤدي مهامها بفضل طاقم بشري متنوع، النزلاء يعتبرون جزءا منه، يسهرون على توفير خدماتها للمستعملين، وتستعمل في ذلك بعض من التكنولوجيات الحديثة ولو أنها محدودة، وهذا هو واقع المكتبات في السجون الجزائرية.
     أهم ما توصلنا إليه من خلال دراسة هذا الموضوع ليس وصف واقع وإجراءات عمل مكتبات السجون في الجزائر فقط، إنما قياس وملاحظة الأثر الإيجابي لها على بعض النزلاء، ومما تمكنت من تحقيقه عمليا هو تحفيزها لهم على المطالعة، ومساعدتهم على التأقلم مع البيئة العقابية، بالإضافة إلى مساهمتها في إصلاحهم وإعادة إدماجهم في المجتمع، مما جعلها تحتل مكانة مهمة بالنسبة لهم خاصة وأنها إستطاعت التأثير في حياة الكثير منهم تأثيرا إيجابيا فقال أحد النزلاء عنها: «لولا المكتبة لكنا سجناء»، وقال آخر بفضلها «أحسست بالإنسانية».


الهوامش:


[1] الإتحاد الدولي لجمعيات المكتبات ومؤسساتها. بيان اليونسكو بشأن المكتبات العامة 1994 . متاح في : <http://archive.ifla.org/VII/s8/unesco/arab.pdf >. (إطلع عليه يوم 16/06/2017)
[2] بشيري، عبد العزيز، هواري، عادل. المطالعة  لدى النزلاء في مكتبات السجون: دراسة ميدانية لمكتبة مؤسسة إعادة التربية حمادي كرومة بسكيكدة. مذكرة ليسانس: علم المكتبات. قسنطينة: جامعة قسنطينة، 2003 
[3] أنظر: شباحي، مهدي. واقع مكتبات السجون في الجزائر ومدى توافقها مع إرشادات الإفلا IFLA: دراسة ميدانية لأربع مكتبات بمؤسسات إعادة التربية والتأهيل. رسالة ماجستير: علم المكتبات والتوثيق. الجزائر: جامعة الجزائر 2: 2013
[4]  النشار، السيد السيد. مكتبات السجون. الإسكندرية: دار الثقافة العلمية، 2001. ص.29
[5] الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية. وزارة العدل. قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين. الجزائر: وزارة العدل، 2005. ص.6
[6]  مقابلة مع السيد بلحنفية قادة، رئيس مصلحة إعادة الإدماج بمؤسسة إعادة التربية والتأهيل ببلعباس، يوم: 15/08/2012
[7] مقابلة مع السيد بلحنفية قادة، رئيس مصلحة إعادة الإدماج بمؤسسة إعادة التربية والتأهيل ببلعباس، يوم: 15/08/2012
[8] مقابلة مع الآنسة ل. ياسمين، نائبة رئيس مصلحة إعادة الإدماج بمؤسسة إعادة التربية والتأهيل بالحراش، يوم: 18/10/2012
[9] جزايرس: محرك بحث إخباري. كتب لتقويم المنحرفين[على الخط]. متاح في:< www.djazairess.com/elkhabar/247727 >. (إطلع عليه يوم 26/06/2013)
[10] مقابلة مع رئيس مصلحة إعادة الإدماج بمؤسسة إعادة التربية والتأهيل بالبرواقية، يوم: 20/11/2012
[11] مقابلة مع الآنسة ل. ياسمين، نائبة رئيس مصلحة إعادة الإدماج بمؤسسة إعادة التربية والتأهيل بالحراش، يوم: 18/10/2012
[12] مقابلة مع رئيس مصلحة إعادة الإدماج بمؤسسة إعادة التربية والتأهيل بالبرواقية، يوم: 20/11/2012
[13] مقابلة مع السيد علي فضيلة، مشرف على مكتبة مؤسسة إعادة التربية والتأهيل بالشلف، يوم: 11/09/2012
[14] مقابلة مع الآنسة ل. ياسمين، نائبة رئيس مصلحة إعادة الإدماج بمؤسسة إعادة التربية والتأهيل بالحراش، يوم: 18/10/2012
[15] عثامنية، لخميسي. السياسة العقابية في الجزائر والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان. أطروحة دكتوراه: قانون عام. بسكرة: جامعة محمد خيضر كلية الحقوق والعلوم السياسية قسم الحقوق، 2008. ص. 106
[16] مقابلة مع رئيس مصلحة إعادة الإدماج بمؤسسة إعادة التربية والتأهيل بالبرواقية، يوم: 20/11/2012
[17] مقابلة مع السيد بلحنفية قادة، رئيس مصلحة إعادة الإدماج بمؤسسة إعادة التربية والتأهيل ببلعباس، يوم: 15/08/2012
[18] يقصد بمنطقة الإحتباس المكان الذي يتواجد به المحبوسين ويتكون من الزنزانات حيث تشتد الحراسة والاجراءات الأمنية، وهي تكون في وسط السجن.
[19] مقابلة مع الآنسة ل. ياسمين، نائبة رئيس مصلحة إعادة الإدماج بمؤسسة إعادة التربية والتأهيل بالحراش، يوم: 18/10/2012
[20] الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية. مرسوم تنفيذي يحدد وسائل الاتصال عن بعد وكيفيات استعمالها من المحبوسين. الجريدة الرسمية. مرسوم تنفيذي رقم05-430،  نوفمبر2005. ص. 6-7 (PDF)
[21] مقابلة مع السيد علي فضيلة، مشرف على مكتبة مؤسسة إعادة التربية والتأهيل بالشلف، يوم: 11/09/2012

Commentaires